منتدى المدينة القديمة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى المدينة القديمة

كلنا بحاجة إليكم
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 منافقو اليوم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مراد
مميز
مميز



ذكر
عدد الرسائل : 243
العمر : 45
الموقع : http://al3ez.ace.s
العمل/الترفيه : قراءة
تاريخ التسجيل : 02/02/2010

منافقو اليوم Empty
مُساهمةموضوع: منافقو اليوم   منافقو اليوم I_icon_minitimeالسبت يونيو 26, 2010 8:37 pm

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:


فإن الوقائع تثبت يوماً بعد يوم أن نكبة الأمة بالمنافقين تسبق كل النكبات، وأن نكايتهم فيها وجنايتهم عليها تزيد على كل النكايات والجنايات؛ فالكفر الظاهر على خطره وضرره يعجز في كل مرة يواجه فيها أمة الإسلام أن ينفرد بإحراز انتصار شامل عليها، ما لم يكن مسنوداً بطابور خامس من داخل أوطان المسلمين ويتسمى بأسماء المسلمين، يمد الأعداء بالعون، ويخلص لهم في النصيحة، ويزيل من أمامهم العقبات، ويفتح البوابات.

رأينا ذلك في عصرنا وسمعنا عنه قبل عصرنا؛ فمنذ أن افتتح (ابن سلول) طريق النفاق، سارت فيه من بعده أفواج المنافقين عبر التاريخ، وفي عصرنا الراهن لا تخطئ العين ملامح النفاق الظاهر المتظاهر مع الكافرين في القضايا الكبرى من قضايا المسلمين.

رأينا ذلك في تركيا قبل سقوطها وبعد سقوطها خلال أكثر من ثمانين عاماً، ورأيناه في فلسطين بعد احتلالها منذ ما يزيد على خمسين عاماً، كما لا نزال نرى صوراً من ذلك في أكثر بلدان المسلمين التي سلخها المنافقون لصالح الكافرين عن هويتها الإسلامية وبنيتها الاعتقادية.

وها نحن اليوم نفجع مرات أخر بما يحدث في أفغانستان وفلسطين وباكستان والصومال, والشيشان والعراق, وغيرها من البلدان التي يتهيأ المنافقون فيها لجولة جديدة من قهر الأمة وإذلالها أمام أعدائها بتعليلات ومسوّغات متعددة، لا يقف خلفها شيء من المبادئ والثوابت إلا الثبات أو الوصول إلى مقاعد السيادة وكراسي القيادة، التي يهون عندهم في سبيلها كل شيء، ويحل لأجل الوصول إليها كل شيء، ويحرم دون المساس بها أي شيء! نعم إنه الكرسي الذي يكاد يُعبد، ويُركع له ويُسجد.

عبد الله:

راقب معي دور النفاق السياسي عبر التاريخ؛ فستجد ذلك الصنم من ذوات الأربع قابعاً خلف كل حركة نفاق خائنة لله ولرسوله وللمؤمنين.

وفي عصرنا، وفي ظل غياب الشريعة عن الحكم في الغالب الأعم من أوطان الإسلام، وفي ظل ضياع الضوابط التي يُختبر بها من يصلح ومن لا يصلح لقيادة المسلمين؛ خلا الجو لكل طاغية أفَّاك، من أهل النفاق لأن يركب شعباً من الشعوب بعد الوثوب إلى سدَّة الحكم، عبر طرق ومسالك وعرة، يعرف المنافقون وحدهم كيف يذللونها ويسبرون غورها ويعبرون من فوقها إلى القمة التي لا يسقطهم من فوقها إلا هاذم اللذات.

يقوم المنافقون في كل مرة ينجحون فيها في ركوب شعب من الشعوب بدور عدائي مزدوج يستهدف أمرين لا ثالث لهما: استمداد أسباب البقاء على القمة من ظهير خارجي مقابل إمداد ذلك الظهير بأسباب استبقاء المصالح في الداخل الوطني, وما عدا ذلك تفاصيل؛ فكيفية الحكم, ودستور الحكم, تمثيل الفئات النيابة عن الشعب, المعارضة باسم الشعب, الخطط الخمسية, المشاريع التنموية, الصراعات الحزبية, المعارك الجانبية -خارجية أو داخلية-كلها قصة واحدة والمحصلة في النهاية واحدة, وهي دعواهم العريضة: {إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ* أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ} (11-12) سورة البقرة.

لا فارق كبير بين نفاق الأمس ونفاق اليوم من حيث الجوهر، أما الظروف فقد اختلفت؛ فالنفاق بالأمس البعيد أيام تمكين الدين كان ذُلاً يستخفي، وضعفاً يتوارى، وخضوعاً مقموعاً يمثله عمالقة أقزام ورؤوس أزلام، حيات وعقارب موطوءة تكاد ألاَّ تنفث السم إلا وهي تلفظ الحياة.

كان تمكين الدين وقتها يمكِّن المؤمنين من جهاد أولئك الأسافل باليد واللسان والقلب وبإقامة الحدود، فلا يُرى أحدهم إلا وهو محاصر مكدود، أو محدود مجلود, أما اليوم فالنفاق صرح ممرد، وقواعد تتحرك، وقلاع تشيد، إنه اليوم دولة, بل دول ذات هيئات وأركان، إنه أحلاف وتكتلات وكيانات، بل معسكرات ذات قوة وسلطان, سلطان سياسي, واقتصادي وإعلامي وثقافي، يمارس الضرار في كل مضمار.

وإننا نخطئ كثيراً عندما نظن أن النفاق الذي أفاض القرآن في الحديث عنه، وأسهب في التحذير منه، كان يمثل مرحلة تاريخية انقضت بدخول الناس في دين الله أفواجاً؛ فالعصر الذهبي للبشرية الذي شهدته الأرض أيام الرسالة الخاتمة لم يخل من ظلم النفاق وظلماته؛ فهل تُعصم من ذلك العصور التالية؟!

قد يُقال إن النفاق وقتها كان مقموعاً ممنوعاً فلهذا كان يستتر من الدين بالدين، وهو اليوم ليس في حاجة إلى ذلك؛ فاليوم مؤمن وكافر، أو مسلم ومرتد.

نقول: إن القرآن الذي أمر النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- وأتباعَه بجهاد المنافقين والكافرين سيظل يُتلى إلى يوم الدين, بقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} (73) سورة التوبة. فالآية تدل على أن النفاق سيظل موجوداً وسيظل محسوساً ملموساً من أشخاص تُرى فيهم آيات النفاق.

والنفاق المقصود في الآية ليس قاصراً على النفاق ذي المرامي السياسية والأهداف التسلطية، بل هو النفاق بكافة أشكاله وصوره عندما يكون موجهاً إلى ضرر الدين وأصحاب الدين، سواء كان صادراً من أهـل السياسة أو من أهـل الثقافة أو أهـل الفن والقلم أو حتى بعض المنسوبين للعلم والفتوى في بعض البلدان.

ونحن هنا لا نجادل في أن النفاق درجات أو دركات، وأن خطره يتفاوت بتفاوت كبره أو صغره؛ إذ من النفاق ما هو أكبر مخرج عن الملة, ومنه ما هو أصغر لا يخرج عن الملة، وفي كلا الحالين فنحن مأمورون بمجاهدة النفاق ولو كان ساكناً بين أضلعنا أو مختبئاً بين جوانحنا، ومن ذا الذي يأمن النفاق على نفسه وقد خافه على نفسه الفاروق عمر -رضي الله عنه-؟! ومن ذا الذي يضمن السلامة منه وقد علَّم النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه التعوذ منه؟!

وهنا نقول: إذا كان واقع المسلمين اليوم في أكثر الأحوال لا يسمح بجهاد المنافقين بإقامة الحدود أو الإغلاظ عليهم لكف شرهم, فلا أقل من تعويض ذلك بجهادهم باللسان وما يقوم مقامه من كل وسيلة ترد ما يستطاع من كيدهم للدين, وإلا فإن ذلك النفاق سيظل يتوحش ويطغى حتى يهدد بهدم معالم الإيمان والدين في كل بلاد المسلمين، والجهاد المطلوب يشترط فيه أن يكون وفق الضوابط الشرعية والموازنة بين المصالح والمفاسد، المهم ألا ينسحب الترك العام لجهاد الكفار إلى ترك عام لجهاد المنافقين1.

اللهم أذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين, اللهم اخذل اليِهود وأعوانهم المنافقين، اللهم أنزل الرعب في قلوبهم وشتت شملهم وفرّق جمعهم، واجعل الدائرة عليهم, إنك أنت القوي العزيز, وصلِّ اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد, وعلى آله وصحبه أجمعين, والحمد لله رب العالمين.




1 مجلة البيان العدد171 ص8 ذو القعدة 1422هـ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
منافقو اليوم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى المدينة القديمة :: مدينة المواضيع العامة :: حي المواضيع العامة-
انتقل الى: