مراد مميز
عدد الرسائل : 243 العمر : 45 الموقع : http://al3ez.ace.s العمل/الترفيه : قراءة تاريخ التسجيل : 02/02/2010
| موضوع: الإمام الأعظم.. أبو حنيفة النعمان السبت مايو 01, 2010 6:30 pm | |
| نشأ الإمام أبو حنيفة في بيئة علمية فقهية ، نقلته من الاشتغال بالتجارة والتردد إلى السوق إلى الاشتغال بالعلم والتردد إلى حلقات العلماء في حداثة سنه ، وكان هذا بناء على نصح من أنسوا منه رشداً ، ولمحوا فيه ذكاءً ونبلاً ، وهكذا يجدر بالمرئ أن لا يحتقر صغيراً لصغره ، ولا يتردد في كلمة نصح أو توجيه تساعد على تعديل المسار ، أو وضع القدم على الطريق الصحيح . نسبه وأرومته: هو: أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن زُوطَى. وكان زوطى مملوكًا لبني تيم الله بن ثعلبة([sup][1])[/sup].وهل كان أصله من كابل، أو من بابل، أو من نسا، أو من ترمذ، أو من الأنبار؟خلاف عند المترجمين، وتكلَّف بعضهم فزعموا أنه تنقل بين هذه المدن، فَنُسِب إليها، والخطب أيسر من ذلك.روى الخطيب عن إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة، أنه كان يقول: (أنا إسماعيل بن حماد بن النعمان بن ثابت بن النعمان بن المرزبان، من أبناء فارس الأحرار، والله ما وقع علينا رق قط؛ ولد جدي في سنة ثمانين، وذهب ثابت إلى علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، وهو صغير، فدعا له بالبركة فيه وفي ذريته، ونحن نرجو من الله أن يكون قد استجاب ذلك لعلي بن أبي طالب - رضي الله تعالى عنه – فينا) انتهى([b][sup][2])[/sup]. قال السراج الهندي بعد أن نقل ما ذكر عن إسماعيل: (وكذلك قاله أخو إسماعيل، ولا يحل لمسلم أن يظن بهما مع جلالة قدرهما ودقة ورعهما أن ينتسبا إلى غير آبائهما). مولده : قال الذهبي: (ولد سنة ثمانين)([3]). وقيل: سنة إحدى وستين وقيل: ثلاث وستين. قال القرشي: الصحيح أنه ولد سنة ثمانين([4]).قال الذهبي: (ولد سنة ثمانين في حياة صغار الصحابة، ورأى أنس بن مالك لما قدم عليهم الكوفة ولم يثبت له حرف عن أحد منهم)([5]).قال عبد القادر القرشي: (ادعى بعضهم أنه سمع ثمانية من الصحابة وقد جمعهم غير واحد في جزء وروينا هذا الجزء عن بعض شيوخنا وقد جمعت أنا جزءًا في بيان استحالة ذلك من بعضهم وهذا طريق الإنصاف وذكرت في هذا الجزء من سمعه من الصحابة ومن رآه وذكرت عن الخطيب أنه رأى أنس بن مالك ورددت قول من قال: إنه ما رآه وبينت ذلك بيانًا شافيًا)([6]). طلبه العلم: وقد توجه أبو حنيفة لطلب علم الحديث والفقه، وأخذ عن الجلة من التابعين وحفظ وبرع حتى أصبح أحد كبار الأئمة المتبوعين.على أن أبا حنيفة لم يتفرّغ لطلب العلم منذ نعومة أظفاره, وإنما كان يتردد على السوق للبيع والشراء, حتى نصحه الشعبي ورغبه في طلب العلم ؛ فقد روى أبو حنيفة قصة تحوّله لطلب العلم بنفسه حيث قال :مررت يوماً على الشعبي وهو جالس فدعاني ، فقال لي : إلى من تختلف ؟ فقلت : أختلف إلى السوق ، قال : لم أعن الاختلاف إلى السوق ، عنيت الاختلاف إلى العلماء ، فقلت له : أنا قليل الاختلاف إليهم ، فقال لي : لا تغفل ، وعليك النظر في العلم ومجالسة العلماء؛ فإني أرى فيك يقظة وحركة ، فوقع في قلبي من قوله ، فتركت الاختلاف إلى السوق, وأخذت في طلب العلم فنفعني الله به ([7]) .فأما بداية طريق العلم بالنسبة للإمام أبي حنيفة؛ فإنه يكفينا مؤنة البحث في ذلك بقوله حين سئل عن كيف بدأ تحصيله :" كنت في معدن العلم والفقه , فجالست أهله ولزمت فقيهاً من فقهائهم " هذا الشيخ الذي انقطع إليه أبو حنيفة هو حماد بن أبي سليمان ، لقد صحبه أبو حنيفة ثماني عشرة سنة كاملة ، ومن حقّ المرء أن يتساءل عن ذلك الفقيه الذي شدّ رجلاً في عبقرية أبي حنيفة هذه السنوات الطويلة التي تناهز عقدين من الزمان .وحتى نُلقي مزيداً من الضوء على هذه الصحبة المباركة؛ فإننا نعيد قصة أبي حنيفة حين اختار دراسة الفقه, وجلس إلى حلقة حماد ، ورأى فيه الشيخُ قوة في الحفظ ، وإقبالاً في الدرس, وامتيازاً على رفاقه ؛ فقال : لا يجلس في صدر الحلقة بحذائي غير أبي حنيفة .يقول الإمام : فصحبته عشر سنين ، ثم نازعتني نفسي لطلب الرئاسة فأحببت أن أعتزله وأجلس في حلقة لنفسي .ويمضي الإمام العظيم ذو الخلق والوفاء والشمائل قائلاً :" فخرجت يوماً بالعشي وعزمي أن أفعل ، فلما دخلت المسجد ورأيته لم تطب نفسي أن أعتزله ، فجئت وجلست معه ؛ فجاءه في تلك الليلة نعي قرابة له قد مات بالبصرة ، وترك مالاً وليس له وارث غيره ، فأمرني أن أجلس مكانه ".وهكذا يجلس أبو حنيفة في مكان شيخه في الليلة التي كان قد عزم فيها أن ينفصل عنه في حلقة منفردة ، غير أن الأمر الطريف أنه يرأس الحلقة بطريق شرعي غير انفصالي ، وبإذن من أستاذه الذي كان الإمام أبو حنيفة يحبه كل الحب في حياته ، ويظل يذكره حتى بعد مماته ، حتى إنه ما دعا لوالديه بالمغفرة إلا دعا له ، وما ذكرهما إلا ذكره معهما .يجلس أبو حنيفة للدرس والفتيا , وكان لا يزال في الثلاثين من عمره .ويكمل القصة قائلاً :" فما هو إلا أن خرج حتى وردت علي مسائل لم أسمعها منه؛ فكنت أجيب وأكتب جوابي, فغاب شهرين. ثم قدم , فعرضت عليه المسائل وكانت نحوا من ستين مسألة , فوافقني في أربعين وخالفني في عشرين, فآليت على نفسي ألا أفارقه حتى يموت, فلم أفارقه حتى مات ([8]) ".والحق أن مثل هذه القضايا لا ينبغي أن تمر بغير احتفال, ودون أن تكون درساً مفيداً في حياة كل طالب علم ، ودستوراً رئيساً في خطواته وسلوكه ، فحبال العلم طويلة ، وأغواره بعيدة ، وشواطئه نائية ، ومن ثمّ فإنه لا ينال إلا بالقدوة والأستاذ والمتابعة والتواضع والاستقامة ، وما عدا ذلك لا يعدو أن يكون فقاقيع , لا تغني إلا بقدر ما تمكث ، ثم لا تلبث أن تزول دون أثر , وتنمحي بغير نفع ([9]) . صفته وأخلاقه: كان أبو حنيفة جميل الوجه، يعلوه بهاء، يهتم بنضارة ملبسه وزكاء رائحته.وقد كان ربعة، من أحسن الناس صورةً، وأبلغهم نطقًا، وأعذبهم نغمة، وأبينهم عما في نفسه([10]).قال يحيى القطان: (جالسنا والله أبا حنيفة وسمعنا منه وكنت والله إذا نظرت إليه عرفت في وجهه أنه يتقي الله عز وجل)([11]).ووصف أخلاقه أبو يوسف رحمه الله للخليفة هارون الرشيد فقال: (إن الله تعالى يقول: ((مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)) [ق:18]، وهو عند لسان كل قائل. كان علمي بأبي حنيفة أنه كان شديد الذب عن محارم الله أن تُؤتى، شديد الورع أن ينطق في دين الله بما لا يعلم، يحب أن يُطاع الله ولا يُعصى، مجانبًا لأهل الدنيا في زمانهم، لا ينافس في عزها، طويل الصمت، دائم الفكر، على علم واسع، لم يكن مهذارًا ولا ثرثارًا، إن سئل عن مسألة كان عنده فيها علم، نطق به وأجاب فيها بما سمع، وإن كان غير ذلك قاس على الحق واتبعه، صائنًا نفسه ودينه، بذولًا للعلم والمال، مستغنيًا بنفسه عن جميع الناس، لا يميل إلى طمع، بعيدًا عن الغيبة، لا يذكر أحدًا إلا بخير. فقال له الرشيد: هذه أخلاق الصالحين، ثم قال للكاتب: اكتب هذه الصفة وادفعها إلى ابني ينظر فيها)([sup][12])[/sup]. لقد كان أبو حنيفة رجلًا فقيهًا معروفًا بالفقه، مشهورًا بالورع، واسع المال، معروفًا بالإفضال على كل من يطيف به، صبورًا على تعليم العلم بالليل والنهار، حسن السمت، كثير الصمت، قليل الكلام حتى ترد مسألة في حلال أو حرام، فكان يحسن أن يدل على الحق، هاربًا من مال السلطان([13]).وقال ابن المبارك رحمه الله: (ما رأيت رجلًا أوقر في مجلسه ولا أحسن سمتًا وحلمًا من أبي حنيفة)([14]).وقال حجر بن عبد الجبار رحمه الله: (ما رأى الناس أكرم مجالسة من أبي حنيفة، ولا إكرامًا لأصحابه)([15]).وقد كان واسع الحلم لا يستفزه الجهال ولا يستثيرونه.قال عبد الرزاق رحمه الله: (شهدت أبا حنيفة في مسجد الخيف فسأله رجل عن شيء فأجابه، فقال رجل: إن الحسن يقول كذا وكذا. قال أبو حنيفة: أخطأ الحسن. قال: فجاء رجل مغطى الوجه قد عصب على وجهه فقال: أنت تقول أخطأ الحسن يا ابن الـ .. (وقذف أمه) ! ثم مضى فما تغير وجهه ولا تلون. ثم قال: إي والله! أخطأ الحسن وأصاب ابن مسعود)([16]).وقال سهل بن مزاحم رحمه الله: (سمعت أبا حنيفة يقول: ((فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ)) [الزمر:17-18]، قال: كان أبو حنيفة يكثر من قول: اللهم من ضاق بنا صدره فإن قلوبنا قد اتسعت له)([17]).وقال يزيد بن كميت: (قال رجل لأبي حنيفة: اتق الله! فانتفض واصفر وأطرق وقال: جزاك الله خيرًا ما أحوج الناس كل وقت إلى من يقول لهم مثل هذا)([18]).وكان يقول رحمه الله: (ما صليت صلاة منذ مات حماد إلا استغفرت له مع والدي، وإني لأستغفر لمن تعلمت منه علمًا أو علمته علمًا)([19]).إن هذا المعدن الكريم لهو التربة التي ينمو فيها العلم، فما ضم شيء إلى شيء أزين من علم إلى حلم، ولن تعدم الحسناء لها ذامًا، وما زال أهل العلم يقع بينهم الاختلاف، وقد يتعصب الطلبة لهذا الشيخ أو ذاك، ويوغرون صدر الشيخ حتى تتسع الهوة وتزداد الشقة، أو يقع لأهل العلم من تطاول السفهاء وعدوان الطائشين ما تنكشف به معادنهم، وتظهر به حقائقهم، حيث همهم العلم والفقه والدليل، أما السب والشتم والتنقص فليسوا منه بسبيل[/b] ------------------------------------------------------------------------- ([1]) انظر: تهذيب الأسماء (2/501)، سير أعلام النبلاء (6/390).
([2]) تاريخ بغداد (13/326).
([3] ) سير أعلام النبلاء (6/391).
([4] ) الجواهر المضية (1/53).
([5] ) سير أعلام النبلاء (6/391).
([6] ) الجواهر المضية (1/53).
([7]) العقد الفريد (3/415)
([8]) تاريخ بغداد (13/333)
([9]) انظر: الأئمة الأربعة للشكعة (ص/18،17)
([10] )الجواهر المضية (1/53).
([11] ) تاريخ بغداد (13/352).
([12] ) أخبار أبي حنيفة وأصحابه للصيمري (ص42).
([13] ) تاريخ بغداد (13/340).
([14] ) سير أعلام النبلاء (6/400).
([15] ) تهذيب الكمال (29/439).
([16] ) المرجع السابق ( 13/351-352 13/351-352 ).
([17] ) المرجع السابق (13/352).
([18] ) السير (6/400).
([19] ) تاريخ بغداد (13/334). | |
|
مراد مميز
عدد الرسائل : 243 العمر : 45 الموقع : http://al3ez.ace.s العمل/الترفيه : قراءة تاريخ التسجيل : 02/02/2010
| موضوع: رد: الإمام الأعظم.. أبو حنيفة النعمان السبت مايو 01, 2010 6:32 pm | |
| عبادته رحمه الله: قال سفيان بن عيينة: (ما قدم مكة رجل في وقتنا أكثر صلاة من أبي حنيفة)([1]).قال أبو عاصم النبيل: (كان أبو حنيفة يسمى الوتد لكثرة صلاته)([2]).قال أبو مطيع رحمه الله: (كنت بمكة فما دخلت الطواف في ساعة من ساعات الليل إلا رأيت أبا حنيفة وسفيان في الطواف)([3]).قال أسد بن عمرو: (صلى أبو حنيفة فيما حفظ عليه صلاة الفجر بوضوء العشاء أربعين سنة، فكان عامة الليل يقرأ جميع القرآن في ركعة واحدة، وكان يسمع بكاؤه بالليل حتى يرحمه جيرانه، وحفظ عليه أنه ختم القرآن في الموضع الذي توفي فيه سبعين ألف مرة)([4]).وقال أحد أبناء أبي حنيفة رحمه الله: (لما مات أبي سألنا الحسن بن عمارة أن يتولى غسله ففعل، فلما غسله قال: رحمك الله وغفر لك لم تفطر منذ ثلاثين سنة، ولم تتوسدْ يمينك بالليل منذ أربعين سنة، وقد أتعبت من بعدك وفضحت القراء)([5]).والأقرب أن هذه الروايات لا تخلو من مبالغة، فسهر الليل كله غير مشروع، والله تعالى يقول لنبيه عليه الصلاة والسلام: ((قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ القُرْآَنَ تَرْتِيلًا)) [المزمل:2-4].وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم وينام كما نقله عنه أصحابه، كما في حديث ابن عباس وحذيفة وعائشة وغيرهم رضي الله عنهم.وقراءة القرآن كله في ركعة أمر نادر وعسير، وليس بمأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه، إلا ما يروى عن عثمان بن عفان رضي الله عنه إن صح([6]). وختم القرآن سبعين ألف مرة يحتاج إلى مائتي سنة كاملة يقرأ فيها القرآن كل يوم ويختمه دون عارض أو صغر سن أو مرض أو انتقال، وهذا محال، ولكن جرت عادة من يكتبون السير أن يحشدوا كل ما قيل، وأحيانًا دون تمحيص.ولعل سرد مثل هذه الروايات دون تعقب مما يقعد بهمم الناس ويضعف عزائمهم، فإن الطريق الوعر يقل سالكه ويكثر المنقطعون فيه، وهذا تنبيه يؤخذ بالاعتبار في روايات كثيرة نقلت عن السلف رضي الله عنهم، كما تجد طرفًا منها في صفة الصفوة وغيره، فمنها ما لا يصح أصلًا وهو من تزيّد الرواة ومبالغاتهم، أو يكون محمولًا عن قصد الكثرة دون العدد، ومنها ما يكون صحيحًا ولكن لا دليل على مشروعيته.وكمال الاقتداء والتأسي إنما يكون برسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قال ربنا سبحانه: ((لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)) [الأحزاب:21].زهده وورعه رحمه الله: لقد كان أبو حنيفة رحمه الله إمامًا في الزهد والورع وقد شهد له بذلك الزهاد.قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: (هو من العلم والورع والزهد وإيثار الدار الآخرة بمحل)([7]).وقال عبد الله بن المبارك رحمه الله: (ما رأيت أحدًا أورع من أبي حنيفة، وقد جُرِّب بالسياط والأموال)([8]).وقال ابن جريج رحمه الله: (بلغني عن النعمان فقيه الكوفة أنه شديد الورع، صائن لدينه ولعلمه، ولا يؤثر أهل الدنيا على أهل الآخرة)([9]).ولقد بُذِلت الدنيا لأبي حنيفة رحمه الله فلم يُرِدْها، وضُرِب عليها بالسياط فلم يقبلها([10]).قال يزيد بن هارون: (أدركت الناس فما رأيت أحدًا أعقل ولا أفضل ولا أورع من أبي حنيفة)([11]).وقال الذهبي رحمه الله: (كان إمامًا ورعًا عالمًا عاملًا متعبدًا، كبير الشأن، لا يقبل جوائز السلطان)([12]).من أخباره رحمه الله في الورع: كان حفص بن عبد الرحمن شريك أبي حنيفة، وكان أبو حنيفة يجهز عليه، فبعث إليه في رفقة بمتاع، وأعلمه أن في ثوب كذا وكذا عيبًا، فإذا بعته فبين، فباع حفص المتاع ونسي أن يبين، ولم يعلم ممن باعه، فلما علم أبو حنيفة تصدق بثمن المتاع كله([13]).وهذه من مآثره العظيمة أنه لم يأكل بعلمه الدنيا، ولم يقصدها، ولم يمنعه طلب العلم من التجارة وطلب الرزق الحلال، وهذا هو هدي الصحابة رضي الله عنهم، وهدي الصالحين، كما وصفهم ربهم سبحانه فقال: (رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ) [النور:37]. فهم كانوا أهل تجارة وبيع، لكن لم تلههم تجارتهم وبيعهم عن ذكر الله وإقام الصلاة وطلب العلم.فأين هذا ممن جعل علمه جسرًا إلى تحصيل المال من أي مصدر كان؟! أو ممن زعم التفرغ لطلب العلم وبذل وجهه للناس وسؤالهم؟! أو ممن يفاخر بأنه لا يعرف الدنيا ولا يزاحم عليها وهو يبذل مستطاعه لتحصيل رزقه من أهل الثروة والجاه؟! أبو حنيفة رحمه الله والقضاء: لقد سبق ذكر ما قاله فيه الإمام أحمد بن حنبل: هو من العلم والورع والزهد وإيثار الدار الآخرة بمحل، ولقد ضرب بالسياط على أن يلي القضاء لأبي جعفر المنصور فلم يفعل، فرحمة الله عليه([14]).وقال يحيى بن معين رحمه الله: (كان أبو حنيفة عندنا من أهل الصدق، ولم يتهم بالكذب، ولقد ضربه ابن هبيرة على القضاء، فأبى أن يكون قاضيًا)([15]).قال عبيد الله بن عمرو الرقي: (كلم ابن هبيرة أبا حنيفة أن يلي قضاء الكوفة، فأبى عليه، فضربه مائة سوط وعشرة أسواط، في كل يوم عشرة أسواط، وهو على الامتناع، فلما رأى ذلك خلَّى سبيله)([16]).وقال إسماعيل بن سالم البغدادي: (ضُرب أبو حنيفة على الدخول في القضاء فلم يقبل القضاء. قال: وكان أحمد بن حنبل إذا ذكر ذلك بكى وترحم على أبي حنيفة، وذلك بعد أن ضُرب أحمد)([17]).وامتناع من امتنع من القضاء من الأئمة لأنهم رأوا أنهم لا يصلحون له، أو لمعنى خاص، وإلا فإنه لابد للناس من قضاة، وقد ولي القضاء جملة من الأئمة والعلماء المشهورين المعروفين، كما في أخبار القضاة لوكيع وغيره.تجارته ومهنته رحمه الله: كان أبو حنيفة رحمه الله من أهل المال والأعمال الذين يأكلون من كدهم وجهدهم إذ كان يبيع الخز وينفق على من يعول، ويجود على المحتاجين ويبذل لهم.قال عمر بن حماد بن أبي حنيفة: (كان أبو حنيفة خزازًا، ودكانه معروف في دار عمرو بن حريث)([18]). قال أبو نعيم الفضل بن دكين يصفه: (كان أبو حنيفة كثير البر والمواساة لكل من أطاف به)([19]).وقال الفضيل بن عياض: (كان أبو حنيفة واسع المال، معروفًا بالإفضال على كل من يطيف به)([20]).وقد كان يبعث بالبضائع إلى بغداد، فيشتري بها الأمتعة، ويحملها إلى الكوفة، ويجمع الأرباح عنده من سنة إلى سنة، فيشتري بها حوائج الأشياخ المحدثين وأقواتهم وكسواتهم وجميع حوائجهم، ثم يدفع باقي الأرباح من الدنانير إليهم ويقول: أنفقوا في حوائجكم ولا تحمدوا إلا الله؛ فإني ما أعطيتكم من مالي شيئًا، لكن من فضل الله عليّ فيكم، وهذه أرباح بضائعكم.وهكذا يبدو الصفق في الأسواق الذي ذكره عمر رضي الله عنه عن نفسه حين قال: «خفي علي هذا من أمر رسول الله، ألهاني عنه الصفق في الأسواق ([21])». يبدو طريقًا سالكًا لشباب السلف وطلبتهم، وفي سيرة أبي حنيفة وابن المبارك وسواهم ما يذكّر بقول الزهري يُخاطب أخاه عبد الله حين رآه تجهز للسفر في طلب الرزق:أقول لعبدِ اللهِ لمَّا لقيتُه وَقدْ شدَّ أحلاسَ المطي مُشرِّقاتتبعْ خَبَايا الأرضَِ وَادعُ مَليكَها لعلَّكَ يومًا أنْ تُجابَ فَتُرزقاسيؤتِيكَ مَالًا واسعاً ذا مثابةٍ إذا مَا مِياهُ الأرضِ غَارتْ تدفقا ([22] ) ([1] ) المرجع السابق (13/353).
([2] ) السير (6/400).
([3] ) تاريخ بغداد (13/353).
([4] ) تهذيب الكمال (29/434).
([5] ) انظر: تهذيب الكمال (29/435)، تهذيب التهذيب (10/402).
([6] ) انظر: مصنف عبد الرزاق (5952)، سنن البيهقي الكبرى (3865).
([7] ) عقود الجمان (ص193).
([8] ) تهذيب الكمال (29/437).
([9] ) أخبار أبي حنيفة وأصحابه (ص 32-33).
([10] ) تاريخ بغداد (13/337).
([11] ) تهذيب الكمال (29/438).
([12] ) تذكرة الحفاظ (1/168).
([13] ) تهذيب الكمال (29/437). وانظر: تاريخ بغداد (13/358)، أخبار أبي حنيفة (ص46).
([14] ) عقود الجمان (ص/193)
([15] ) تهذيب الكمال (29/424)، سير أعلام النبلاء (6/395).
([16] ) تهذيب الكمال (29/437)، تهذيب التهذيب (10/402)، تاريخ بغداد (13/326).
([17] ) تاريخ بغداد (13/327). وانظر: أخبار أبي حنيفة (ص67).
([18] ) سير أعلام النبلاء (6/394).
([19] ) أخبار أبي حنيفة وأصحابه (ص2).
([20] ) تاريخ بغداد (13/340).
([21]) رواه مسلم برقم (2153)
([22]) الأبيات للزهري وهي في معجم الشعراء للمرزباني (ص/413)، وقد عدّه المرزباني من الشعراء فترجمه في معجمه، وقد قيل إن هذه الأبيات قالها لعبد الملك بن مروان، انظر التمهيد لابن عبد البر (6/112
| |
|
مراد مميز
عدد الرسائل : 243 العمر : 45 الموقع : http://al3ez.ace.s العمل/الترفيه : قراءة تاريخ التسجيل : 02/02/2010
| موضوع: رد: الإمام الأعظم.. أبو حنيفة النعمان الجمعة مايو 14, 2010 2:24 pm | |
| فقهه رحمه الله: لقد كان أبو حنيفة إمامًا في الفقه والقياس، كلامه فيه أدق من الشعر؛ حتى تضافرت أقوال العلماء على تقديمه وإمامته وفطنته.
قال الإمام الشافعي رحمه الله: (الناس عيال على أبي حنيفة في الفقه)([1]).
وقال الذهبي معلقًا: (الإمامة في الفقه ودقائقه مسلمة إلى هذا الإمام وهذا أمر لا شك فيه:
وليسَ يَصِحُّ في الأفهام شيءٌ إذا احتَاجَ النَّهارُ إلى دَليلِ([2])
وقال ابن المبارك رحمه الله: (أفقه الناس أبو حنيفة، ما رأيت في الفقه مثله)([3]).
وقال أيضًا: (إن كان الأثر قد عرف واحتيج إلى الرأي فرأي مالك وسفيان وأبي حنيفة، وأبو حنيفة أحسنهم وأدقهم فطنة وأغوصهم على الفقه، وهو أفقه الثلاثة)([4]).
وقال: (رأيت مسعرًا في حلقة أبي حنيفة جالسًا بين يديه يسأله ويستفيد منه وما رأيت أحدًا قط تكلم في الفقه أحسن من أبي حنيفة)([5]).
وقال صاحبه أبو يوسف رحمه الله: (ما رأيت أحدًا أعلم بتفسير الحديث ومواضع النكت التي فيه من الفقه من أبي حنيفة)([6]).
وقال شعبة بن الحجاج رحمه الله لما علم بوفاته: (لقد ذهب معه فقه الكوفة، تفضل الله علينا وعليه برحمته)([7]).
وقال النضر بن شميل رحمه الله: (كان الناس نيامًا عن الفقه حتى أيقظهم أبو حنيفة بما فتقه وبيَّنه ولخصه)([8]).
وحين سُئل يزيد بن هارون رحمه الله: (أيما أفقه: أبو حنيفة أو سفيان؟ قال: سفيان أحفظ للحديث، وأبو حنيفة أفقه)([9]).
وقال ابن المبارك رحمه الله: (إن كان أحد ينبغي له أن يقول برأيه فأبو حنيفة ينبغي له أن يقول برأيه)([10]).
وقال محمد بن بشر رحمه الله: (كنت أختلف إلى أبي حنيفة وإلى سفيان، فآتي أبا حنيفة فيقول لي: من أين جئت؟ فأقول: من عند سفيان. فيقول: لقد جئت من عند رجل لو أن علقمة والأسود حضرا لاحتاجا إلى مثله. فآتي سفيان فيقول: من أين جئت؟ فأقول: من عند أبي حنيفة. فيقول: لقد جئت من عند أفقه أهل الأرض)([11]).
وقال يحيى بن معين رحمه الله: سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول: (لا نكذب الله، ما سمعنا أحسن من رأي أبي حنيفة، وقد أخذنا بأكثر أقواله).
قال: (وكان يحيى بن سعيد يذهب في الفتوى إلى قول الكوفيين، ويختار قوله من أقوالهم، ويتبع رأيه من بين أصحابه)([12]).
وقال عبد الرزاق الصنعاني رحمه الله: (كنت عند معمر فأتاه ابن المبارك، فسمعنا معمرًا يقول: ما أعرف رجلًا يحسن يتكلم في الفقه أو يسعه أو يقيس ويشرح لمخلوق النجاة في الفقه أحسن معرفة من أبي حنيفة، ولا أشفق على نفسه من أن يدخل في دين الله شيئًا من الشك من أبي حنيفة)([13]).
وقال الذهبي رحمه الله: (وأما الفقه والتدقيق في الرأي وغوامضه فإليه المنتهى، والناس عليه عيال في ذلك)([14]).
لقد أسس أبو حنيفة مدرسة الرأي في الكوفة، واستجاب لدواعي التجديد والقياس مما طرأ على حياة الناس وجدَّ من المسائل، خاصة مع نقص الرواية عندهم، ولقي في ذلك عنتًا من بعض من لم تتسع عقولهم لما اتسع له عقله، ولم يدركوا ما أدرك، وما هو إلا أن قامت المدرسة واستقرت أصولها حتى سلَّم لها كثير من المخالفين، وعذرها آخرون، وانقطع الكلام أو كاد، وهذا شأن المدارس التاريخية كما تجده في النحو والأصول وغيرها.
ولله در الإمام أحمد رحمه الله حين يقول: (ما زلنا نلعن أهل الرأي ويلعنونا حتى جاء الشافعي فأصلح بيننا)([15]).
وهكذا قال إسحاق وغيره: (أنهم ما زال بهم الأمر حتى أخذوا بكثير من مسائل أبي حنيفة).
وهذا شأن المنصفين؛ الرجوع إلى الحق وأخذه من غير أَنَفَةٍ ولا استكبار.
وفعلًا فالرسالة للإمام الشافعي كانت تأصيلًا لطرائق الاستدلال، وتدوينًا لقواعده، وقطعًا لدابر كثير من التهاوش والتهارش والتناوش بين المدارس المتنوعة في الفقه الإسلامي والتي كان تنوعها خيرًا وثراء للشريعة، وهكذا ولدت المدارس الفقهية المعروفة، في الحجاز والشام والعراق ومصر وما وراء النهر و بلاد المغرب؛ استجابة لدواعي الصيرورة الحضارية، ومعايشة لتقلبات الحياة، فالغنى والفقر والقوة والضعف، وقدر المعرفة ونوع العلاقة التي تحكم صلة الشعوب بعضها ببعض ذات تأثير واضح في عقل الفقيه واستنباطه، وقد كان عمر بن عبد العزيز رحمه الله يقول: (تحدث للناس أقضية بقدر ما أحدثوا من الفجور) ([16]).
أصول فقهه رحمه الله:
قال أبو حنيفة رحمه الله: (ما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس والعين وما جاء عن الصحابة اخترنا وما كان من غير ذلك فهم رجال ونحن رجال)([17]).
وقال الحسن بن زياد اللؤلؤي رحمه الله: (سمعت أبا حنيفة يقول: قولنا هذا رأي، وهو أحسن ما قدرنا عليه، فمن جاءنا بأحسن من قولنا فهو أولى بالصواب منا)([18]).
وقال يحيى بن ضريس رحمه الله: (شهدت سفيان وأتاه رجل، فقال له: ما تنقم على أبي حنيفة؟ قال: وما له؟ قال: سمعته يقول: آخذ بكتاب الله، فما لم أجد فبسنة رسول الله، فما لم أجد في كتاب الله ولا في سنة رسول الله أخذت بقول أصحابه، آخذ بقول من شئت منهم وأدع من شئت منهم، ولا أخرج من قولهم إلى قول غيرهم، فأما إذا انتهى الأمر أو جاء إلى إبراهيم، والشعبي، وابن سيرين، والحسن، وعطاء، وسعيد بن المسيب .. - وعدَّد رجالًا- فقوم اجتهدوا، فأجتهد كما اجتهدوا)([19]).
تلك هي مصادر فقه أبي حنيفة , يقررها في وضوح وجلاء, يلتزم بالمصدرين الأساسين للفقه الإسلامي وهما كتاب الله وسنة رسوله , ثم يلزم نفسه بمصدر ثالث هو أقوال صحابة رسول الله r ، ولما لم تكن أقوالهم متطابقة تطابقاً كاملاً في بعض القضايا؛ فإن أبا حنيفة يأخذ عمن يراه أكثر علماً من غيره وهو مع ذلك ملتزم بقول رسول الله r في صحابته : " أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم " ([20]).
فإذا كان الأمر متعلقاً بالتابعين ، والتابعون على جلالة قدرهم لا يستوون مع الصحابة في موازين العلم والتقدير ، فإن أبا حنيفة يرى نفسه أهلاً لأن يجتهد كما اجتهدوا , وأنه ليس ملزماً بالأخذ عنهم إلا تطوعاً واقتناعاً ، وذكر في هذا السبيل عدداً من خيرة التابعين ، وبعضهم يعتبر شيخاً له مثل عطاء بن رباح .. وإبراهيم النخعي الذي كان أستاذاً لحماد بين أبي سليمان شيخ أبي حنيفة ..
ومهما يكن الأمر فأبو حنيفة مؤهل لأن يجتهد كما اجتهد غيره من العلماء الذين ذكرهم في معرض مصادر فقهه من غير الصحابة طبعاً ([21]) .
وقال الحسن بن صالح رحمه الله: (كان النعمان بن ثابت فهمًا عالمًا متثبتًا في علمه، إذا صح الخبر عنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يعده إلى غيره)([22]).
أقول: وهذا هو الظن بإمام مثله، وبإخوانه من الأئمة، فهم لم يختلفوا في الكتاب، ولم يختلفوا على الكتاب، وإنما اجتهدوا كما أمرهم الله، ومن شأن الاجتهاد أن يتعدد، وقد قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: (ما أحبُّ أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يختلفوا؛ لأنه لو كان قولًا واحدًا كان الناس في ضيق، وإنهم أئمة يقتدى بهم، ولو أخذ رجل بقول أحدهم كان في سعة)([23]).
ذكاؤه وحُجَّته رحمه الله:
قال الإمام الشافعي رحمه الله: (قيل لمالك بن أنس: هل رأيت أبا حنيفة؟ قال: نعم. رأيت رجلًا لو كلمك في هذه السارية أن يجعلها ذهبًا لقام بحجته)([24]).
وقال النضر بن شميل: (كان الناس نيامًا عن الفقه حتى أيقظهم أبو حنيفة بما فتقه وبيَّنه ولخصه)([25]).
وقال جعفر بن الربيع: (أقمت على أبي حنيفة خمس سنين فما رأيت أطول صمتًا منه، فإذا سُئل عن شيء من الفقه تفتح وسال كالوادي، وسمعتَ له دويًّا وجهارة بالكلام)([26]).
وذكر المتقي المكي في مناقب أبي حنيفة مناظرة جرت بين الإمام أبي حنيفة وبين جماعة من الزنادقة:
قال لهم أبو حنيفة: ما تقولون في رجل يقول لكم: إني رأيت سفينة مشحونة بالأحمال، مملوءة بالأمتعة وقد احتوشتها في لجة البحر أمواج متلاطمة، ورياح مختلفة، وهي من بينها تجري مستوية ليس فيها ملاح يجريها ويقودها ويسوقها، ولا متعهد يدفعها، هل يجوز ذلك في العقل؟
فقالوا: لا. هذا لا يقبله العقل، ولا يجيزه الوهم.
فقال لهم أبو حنيفة: فيا سبحان الله! إذا لم يجز في العقل وجود سفينة تجري مستوية من غير متعهد، فكيف يجوز قيام الدنيا على اختلاف أحوالها وتغير أمورها، وسعة أطرافها، وتباين أكنافها من غير صانع وحافظ ومحدث لها؟!([27]).
رجاحة عقله رحمه الله:
قال محمد بن عبد الله الأنصاري: (كان أبو حنيفة يتبين عقله في منطقه ومشيه ومدخله ومخرجه)([28]).
وقال يزيد بن هارون: (أدركت الناس، فما رأيت أحدًا أعقل ولا أفضل ولا أورع من أبي حنيفة)([29]).
--------------------- ([1] ) تاريخ بغداد (13/346)، تهذيب الكمال (29/433)، تهذيب التهذيب (10/402)، سير أعلام النبلاء (6/403).
([2] ) سير أعلام النبلاء (6/403)، والبيت للمتنبي وهو في ديوانه (3/92) بشرح العكبري. ([3] ) تهذيب الكمال (29/430)، تهذيب التهذيب (10/401)، سير أعلام النبلاء (6/403). ([4] ) تاريخ بغداد (13/343). ([5] ) المرجع السابق. ([6] ) تاريخ بغداد (13/340). ([7] ) الانتقاء لابن عبد البر (ص126). ([8] ) تاريخ بغداد (13/345). ([9] ) تهذيب الكمال (29/429). ([10] ) المرجع السابق (29/431). ([11] ) المرجع السابق. ([12] ) انظر: تهذيب الكمال (29/433)، سير أعلام النبلاء (6/402)، تهذيب التهذيب (10/402). ([13] ) تاريخ بغداد (13/339). ([14] ) سير أعلام النبلاء (6/390-392). ([15] ) انظر: ترتيب المدارك (1/386-387)، الاعتصام للشاطبي (1/226). ([16]) الاعتصام للشاطبي (1/476) ([17] ) سير أعلام النبلاء (6/401). ([18] ) تاريخ بغداد (13/352). ([19] ) تهذيب الكمال (29/443)، تهذيب التهذيب (10/402). ([20]) الحديث ضعيف ، انظر سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني (1/78) برقم : (58). ([21]) انظر الأئمة الأربعة للشكعة (ص/164-165) ([22] ) الانتقاء لابن عبد البر (ص:128). ([23] ) أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (2/80). ([24] ) تاريخ بغداد (13/337-338)، تهذيب الكمال (29/429)، سير أعلام النبلاء (6/399). ([25] ) تاريخ بغداد (13/345). ([26] ) تاريخ بغداد (13/347). ([27] ) مناقب أبي حنيفة (ص:51). ([28] ) تهذيب الكمال (29/439). ([29] ) المرجع السابق (29/438). | |
|
مراد مميز
عدد الرسائل : 243 العمر : 45 الموقع : http://al3ez.ace.s العمل/الترفيه : قراءة تاريخ التسجيل : 02/02/2010
| موضوع: رد: الإمام الأعظم.. أبو حنيفة النعمان الجمعة مايو 14, 2010 2:26 pm | |
|
عنايته بتلاميذه وأصحابه رحمه الله:
كان أبو حنيفة قد فرّغ تلامذته للعلم دون سواه ، ومنعهم من أن يمارسوا أعمالاً أخرى في الصناعات والحرف ,فأجرى لهم رواتب شهرية لتلامذته, وفي مقدمتهم أبو يوسف الذي نشأ في بيت فقير , وأراد أبواه أن يصرفاه عما هو فيه من طلب العلم ، فقام أبو حنيفة بسد حاجته وحاجتيهما من المال ، إن أبا يوسف يسجل ذلك بقوله : كان يعولني وعيالي عشرين سنة ، وإذا قلت له : ما رأيت أجود منك ! يقول : كيف لو رأيت حماداً ؟! يعني أستاذه حماد بن أبي سليمان ، ومن هنا يتبين أن جود أبي حنيفة يصدر عن سجية وليس افتعالاً ، وطبعاً وليس تطبعاً ، وعفو الخاطر وليس تصنعاً ([1]) .
إذاً أبو حنيفة يصبر على من يعلمه، وإن كان فقيرًا أغناه، وأجزل عليه وعلى عياله حتى يتعلم، فإذا تعلّم قال له: قد وصلت إلى الغنى الأكبر بمعرفة الحلال والحرام([2]).
وقد كان كريم المجالسة، يأوي إليه أصحابه وينالون بره وخيره ويحمدون أمره، وكان وفيًّا لمن أدرك منه علمًا، وسخيًّا مع من تعلم منه، وكان يقول: (إني لأستغفر لمن تعلمت منه علمًا أو علمته علمًا)([b][3]).ثناء العلماء عليه رحمه الله: لقد ترك أبو حنيفة رحمه الله أثرًا واسعًا على الناس، بما بذله من علمه وفقه، وقد شهد له العلماء بالفقه والإمامة.قال عبد الله بن المبارك رحمه الله: (لولا أن الله عز وجل أغاثني بأبي حنيفة وسفيان كنت كسائر الناس)([4]).وقال سفيان بن عيينة رحمه الله: (ما مقلت عيني مثل أبي حنيفة)([5]).وقال أبو داود السجستاني رحمه الله: (رحم الله أبا حنيفة كان إمامًا)([6]).وقال شعبة بن الحجاج رحمه الله لما علم بوفاته: (لقد ذهب معه فقه الكوفة، تفضَّل الله علينا وعليه برحمته)([7]).وقال حماد بن زيد رحمه الله: (أردت الحج فأتيت أيوب أودعه، فقال: بلغني أن الرجل الصالح فقيه أهل الكوفة- يعني أبا حنيفة- يحج العام، فإذا لقيته فأقرئه مني السلام)([8]).وقال عبد الله بن داود الخريبي رحمه الله: (يجب على أهل الإسلام أن يدعوا الله لأبي حنيفة في صلاتهم؛ لحفظه عليهم السنن والفقه)([9]).وقال علي بن عاصم رحمه الله: (لو وزن علم الإمام أبي حنيفة بعلم أهل زمانه؛ لرجح عليهم)([10]).وقال ابن عبد البر رحمه الله: (كان في الفقه إمامًا، حسن الرأي والقياس، لطيف الاستخراج، جيد الذهن، حاضر الفهم، ذكيًّا ورعًا عاقلًا)([11]).وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (إن أبا حنيفة وإن كان الناس خالفوه في أشياء، وأنكروها عليه، فلا يستريب أحد في فقهه وفهمه وعلمه)([12]).اختلاف الناس فيه رحمه الله: لم يسلم أبو حنيفة كغيره من الأئمة الكبار من قالة السوء والأذى.قال عبد الله بن داود الخريبي: (الناس في أبي حنيفة رجلان: جاهل به وحاسد له)([13]).وعن أحمد بن عبد قاضي الري، قال: حدثنا أبي، قال: كنا عند ابن عائشة، فذكر حديثًا لأبي حنيفة، فقال بعض من حضر: لا نريده. فقال لهم: أما إنكم لو رأيتموه لأردتموه، وما أعرف له ولكم مثلًا إلا ما قال الشاعر: أقلوا عليهم لا أبا لأبيكم من اللومِ أو سدوا المكانَ الذي سدوا([14]) وقال أبو معاوية الضرير رحمه الله: (حبُّ أبي حنيفة من السنة)([15]).إن إشاعة مثل هذه الأقوال ونشرها لهو حفظ لمقام إمام جليل القدر عظيم المكانة في تاريخ الإسلام، وهو تكريس للمسلك الأخلاقي المتبع بين الأئمة والفقهاء والعلماء والمحدثين في حسن الأحدوثة، والثناء المتبادل، وتجنب العصبية، وتفهم الخلاف، وهو تربية للطلبة والأتباع على الاحترام والأدب، ومجانبة الوقيعة والإطاحة، وتهذيب اللسان، وهذه أخلاق المسلمين، فضلًا عن الخاصة من أهل العلم والدين.وأما ما يرويه بعضهم ويروجه من الأقاويل المجانبة لذلك، فهي أقوال مطرحة لا أصل لها، أو كلمات خرجت في ساعة غاب عن صاحبها التحري والأناة، وحقها ألا تجاوز ذلك المقعد، لا أن تنقل وتشهر وتبنى عليها الأحكام والظنون، وتكون سُلَّمًا للنيل من رجال الصدر الأول، كما جرى لبعض الجهلة والطائشين من الرمي بالكفر والبدعة والضلالة، نسأل الله العافية والسلامة والمسامحة: ((وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)) [الحشر:10].وهنا نورد بعض ما أخذ على الإمام أبي حنيفة رحمه الله: أولًا: اتهامه بتقديم القياس على الحديث الصحيح: وهذا يرده كثير من الروايات التي تنص على تعظيمه للحديث وتقديمه على القياس، منها:1- قال الحسن بن صالح رحمه الله: (كان النعمان بن ثابت فهمًا عالمًا متثبتًا في علمه، إذا صح الخبر عنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعد إلى غيره)([16]).2- قال أبو حنيفة رحمه الله: (ما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس والعين وما جاء عن الصحابة اخترنا وما كان من غير ذلك فهم رجال ونحن رجال)([17]).3- قال يحيى بن ضريس رحمه الله: (شهدت سفيان وأتاه رجل، فقال له: ما تنقم على أبي حنيفة؟ قال: وما له؟ قال: سمعته يقول: آخذ بكتاب الله، فما لم أجد فبسنة رسول الله، فما لم أجد في كتاب الله ولا في سنة رسول الله أخذت بقول أصحابه، آخذ بقول من شئت منهم وأدع من شئت منهم، ولا أخرج من قولهم إلى قول غيرهم، فأما إذا انتهى الأمر أو جاء إلى إبراهيم، والشعبي، وابن سيرين، والحسن، وعطاء، وسعيد بن المسيب وعدَّد رجالًا، فقوم اجتهدوا، فأجتهد كما اجتهدوا)([18]).4- وقد اشتهر من أصول أبي حنيفة رحمه الله أنه لا يقدم شيئًا على الكتاب والسنة ثم قول الصحابي، وأما ما خالف من بعض الأحاديث فلاعتقاده أنها منسوخة أو لم تثبت عنده وثبت عنده ما يخالفها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضًا.ثانيًا: اتهامه بالضعف في الحديث: وقد اختلف أئمة الحديث في الاحتجاج بحديث الإمام أبي حنيفة رحمه الله: فمنهم من قبل حديثه ورأى أنه حجة فيما يرويه، وهذا منقول عن: يحيى بن معين، وعلي بن المديني، وشعبة بن الحجاج([19]).ومنهم من ضعفه ولم يحتج بحديثه؛ لكثرة غلطه وعدم ضبطه([20]).قال الذهبي: (لم يصرف الإمام همته لضبط الألفاظ والأسانيد، وإنما كانت همته القرآن والفقه، وكذلك حال كل من أقبل على فن؛ فإنه يقصر عن غيره، من ثم لينوا حديث جماعة من أئمة القراء كحفص وقالون، وحديث جماعة من الزهاد كفرقد السبخي وشقيق البلخي، وحديث جماعة من النحاة، وما ذاك لضعف في عدالة الرجل؛ بل لقلة إتقانه للحديث، ثم هو أنبل من أن يكذب)([21]).ثالثًا: اتهامه بالإرجاء: بالرغم من ثناء الأئمة على الإمام أبي حنيفة رحمه الله في سعة علمه وفقهه وورعه ومجانبته السلاطين، فقد عابوا عليه كلامًا بلغهم عنه في الإيمان، وتكلموا فيه من أجله، كقوله: إن العمل لا يدخل في مسمى الإيمان، ومن هنا كان اتهام أبي حنيفة بالإرجاء.وهذا إرجاء مقيد، وليس هو الإرجاء الخالص المطلق الذي يزعم أصحابه أنه لا يضر مع الإيمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة، فبرغم موافقته لهؤلاء في عدم إدخال الأعمال في مسمى الإيمان، لكنه يختلف معهم اختلافًا جذريًا، فهم يرون أنه لا تضر مع الإيمان معصية، وهو يرى أن مرتكب الذنب مستحق للعقاب، وأمره إلى الله، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له، والمقصود أنه لا يجوز لنا أن نصف الإمام بالإرجاء المطلق.ولم يختص أبو حنيفة رحمه الله بهذا المذهب وحده، بل إنه مذهب لبعض أهل العلم ممن اشتغلوا بعلم الحديث وروايته، بل إن منهم من روى له الشيخان –البخاري ومسلم- في صحيحيهما.يقول الحافظ ابن عبد البر رحمه الله: (ونقموا أيضًا على أبي حنيفة الإرجاء، ومن أهل العلم من ينسب إلى الإرجاء كثير، لم يعن أحد بنقل قبيح ما قيل فيهم كما عنوا بذلك في أبي حنيفة لإمامته، وكان أيضًا مع هذا يحسـد وينسب إليه ما ليس فيه، ويختلق عليه ما لا يليق)([22]).وكما قيل: إنَّ العَرَانين تَلْقَاها مُحَسَّدةً ولنْ تَرَى لِلئامِ الناسِ حُسَّادَا ([23]) وقيل: حَسَدُوا الفتى إذْ لمْ يَنالوا سَعْيَهُ فَالقَومُ أَعْدَاءٌ لَهُ وَخُصومُ كَضَرائِرِ الحَسناءِ قُلنَ لِوَجهِها حَسدًا وَبَغيًا إِنَّهُ لَدَميمُ ([24] ) عفة لسانه رحمه الله: يقول ابن المبارك رحمه الله: (قلتُ لسفيان الثوري: ما أبعد أبا حنيفة من الغيبة! ما سمعتُه يغتاب عدوًا له قطَّ. فقال سفيان: هو والله أعقل من أن يُسلِّط على حسناته مَن يذهب بها)([sup][25])[/sup].ورُوي عنه أنه كان إذا بلغه عن رجل أنه نال منه، بعث إليه برفق وقال: (غفر الله لك يا أخي، وَكَلْتُك إلى من يعلم مني خلاف الذي قلتَ عني ([26])).وقد ابتُلي هذا الإمام كما ابتُلي إخوانه من سائر الأئمة الأربعة وغيرهم بمن يتقوَّل عليهم، ويسيء الظن بهم، ويُطلِقُ لسانه فيهم بالباطل، ويُسارع في تصديق الشرِّ عنهم، فما كان يدخل مع هؤلاء في جدل ولا خصام، ولا مهاترة، وإنما كان يعرض، ويستغفر لنفسه ولهم، ويَكِلهم إلى الله، ويشغل وقته، ويصْرِف جهده ويحرك لسانه بما فيه خير ونفع، من علم أو فقه، أو عبادة وذكر، أو عمل للدنيا صالح فيه إعفاف النفس، وإرعاء على الصديق، وإنفاق على العيال، وتَرَفُّع عن ذلِّ التعرض لأهل المال.وهذا مسلك خليق بأهل الفضل والديانة والدعوة في كل زمان ومكان أن يقتفوه، وألا يتشاغلوا بمجادلة البطَّالين الذين لا هَمَّ لهم إلا القيل والقال، ممن رضوا بالزهيد، وتقاعدت هِممهم عن المعالي والفضائل.وفاته رحمه الله: أجمع أهل السير والتاريخ على أنه رحمه الله مات سنة خمسين ومائة وهو ابن سبعين سنة([27])، واختلفوا في أي الشهور منها على أقوال.قال الحسن بن يوسف: (يوم مات أبو حنيفة صُلي عليه ست مرات من كثرة الزحام)([28]).فرحم الله أبا حنيفة، فقد خلَّف علمًا كثيرًا، وطلبة رباهم في مجلس الفقه على التفكير والاستنباط والنظر والمشاورة والمناظرة حتى تفتقت أذهانهم، وصفت قرائحهم، واكتملت آلة الاجتهاد لديهم، وخلف مدرسة فقهية ضخمة هائلة حافلة بالمدونات والمصنفات في الأصول والفقه والتراجم والمناظرات وسواها، وخلَّف مذهبًا فقهيًا أصيلًا صمد للقرون المتطاولة حتى صار أتباعه يُعدون بعشرات الملايين في بلاد المشرق وتركيا والعراق ومصر وسائر بلاد الإسلام، وكان هذا المذهب معينًا ثرًّا يلجأ إليه المتفقهون والمستنبطون كُلَّما نزلت نازلة أو ألمَّت مُلِمَّة، وكان مع إخوانه من أئمة المذاهب الفقهية المتبوعة قادة الموكب المبارك من المؤمنين والمسلمين، فرضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين. ( [1]) انظر الأئمة الأربعة للشكعة (ص/104)
([2] ) أخبار أبي حنيفة وأصحابه (ص48).
([3] ) تاريخ بغداد (13/334).
([4] ) تهذيب الكمال (29/428)، سير أعلام النبلاء (6/398).
([5] ) تاريخ بغداد (13/336).
([6] ) الانتقاء لابن عبد البر (ص32).
([7] ) المرجع السابق (ص126).
([8] ) تاريخ بغداد (13/341).
([9] ) تهذيب الكمال (29/432).
([10] ) سير أعلام النبلاء (6/403).
([11] ) الاستغناء في معرفة المشهورين (1/572).
([12] ) منهاج السنة (2/619).
([13] ) تهذيب الكمال (29/441)، تهذيب التهذيب (10/402)، سير أعلام النبلاء (6/402).
([14] ) انظر: تهذيب الكمال (29/442)، تهذيب التهذيب (10/402)، والبيت للحطيئة وهو في ديوانه (ص/65)
([15] ) سير أعلام النبلاء (6/401).
([16] ) الانتقاء لابن عبد البر (ص128).
([17] ) سير أعلام النبلاء (6/401).
([18] ) تهذيب الكمال (29/443)، تهذيب التهذيب (10/402)، وتاريخ بغداد (13/368).
([19] ) جامع بيان العلم وفضله (2/149)، الانتقاء لابن عبد البر (ص127).
([20] ) انظر: التاريخ الكبير (8/81)، الطبقات الكبرى (6/369)، المجروحين (3/63)، الكامل في الضعفاء (7/2472-2479).
([21] ) مناقب أبي حنيفة وصاحبيه للذهبي (ص28).
([22] ) جامع بيان العلم وفضله (2/148).
([23]) البيت يُنسب لعمر بن لجأ التيمي وهو ضمن ستة أبيات في ديوانه (ص/137) كما يُنسب البيت للمغيرة بن جبناء التميمي كما في معجم الشعراء (ص/273).
([24]) البيتان لأبي الأسود الدؤلي وهما في البيان والتبيين للجاحظ (4/63).
([25]) تاريخ بغداد (13/363).
([26]) أخبار أبي حنيفة وأصحابه للصيمري (ص/37)
([27] ) الجواهر المضية (1/54).
([28] ) تهذيب الكمال (29/444).
[/b] | |
|
مراد مميز
عدد الرسائل : 243 العمر : 45 الموقع : http://al3ez.ace.s العمل/الترفيه : قراءة تاريخ التسجيل : 02/02/2010
| موضوع: رد: الإمام الأعظم.. أبو حنيفة النعمان الجمعة مايو 14, 2010 2:27 pm | |
| منقول من موقع الدكتور سلمان العودة | |
|